محاضرة عن ثقافة موسيقية وتذوق الإستماع للموسيقار المبدع ألأستاذ مجدي بولس


وجه نادي الكتاب العربي، ومقرّه مكتبة ماريكفيل الدعوة لأعضائه وضيوفهم لحضور المحاضرة التي سيلقيها الموسيقار المبدع الأستاذ مجدي بولس، وذلك بمقر النادي بمكتبة ماريكفيل يوم الثلاثاء الموافق ٢ أب ٢٠١٦ وإلى جوار الأعضاء وضيوفهم فقد حرصت سفيرة السلام   المحامية د. بهية أبو حمد، رئيسة جمعية إنماء الشعر العربي، وراعية الثقافة العربية في المهجر،بكافة فروعها،من أدب وشعر وفن وموسيقى،على الحضور، وحضرت برفقتها الشاعرة سوزان عون. كما حضر الإعلامي صالح السقاف من إذاعة SBS  (ألبرنامج العربي)، والإعلامي كمال أبرام من إذاعة (صوت الجالية،لجميع الناطقين باللغة العربية)  والمهندس تادرس عزيز بدوي والدكتور صفوت رياض والدكتور يحيى صالح والاستاذ فؤاد سليمان والسيد عهدي عبد الملك والسيد يوسف بادروس
ناديا الجاولي والسيد فريد فهمي والسيد عماد محارب  والسيد حسن فخر الدين والسيد رمزي منصور وبعض الأصدقاء.
وكانت المحاضرة بعنوان (ثقافة موسيقية، وتذوق الإستماع) وتأتي أهميتها من القيمة الفنية العالية للأستاذ مجدي بولس،فلقد عاصر،وعمل كعازف على آلة (الشيللّو)، مع عمالقة الفن والطرب، ونوابغ المبدعين في العالم العربي،الذين أثروا الفن العربي،وأمتعوا الوطن العربي كله من المحيط إلى الخليج بالدّرر والروائع،التي قلّما يجود الزمان بمثلها،وصنعت زمنا، نحنّ إليه ونستدعيه بين الحين والآخر،فنعيش معه زمنا جميلا،صنعه هؤلاء العباقرة الأفذاذ،موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب،كوكب الشرق السيدة أم كلثوم،العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ،وصوت الجبل وديع الصافي الذي سجل بصوته أغنيتين لأم كلثوم،(إنت عمري) و (الأطلال)،  و ألشحرورة صباح،ألكروان فايزة أحمد، ألرائعة وردة،وغيرهم.كل هؤلاء عمل معهم الموسيقار مجدي بولس فأبدع،وكان تنافسهم،يزيدهم لمعانا وتألقا.كما عمل مدرسا للموسيقى في جامعة حلوان والمعاهد الموسيقية المختلفة في القاهرة،وأيضا في أستراليا،التي هاجر إليها عام 1985.
اشاد الموسيقار بولس عن الموسيقى وقال :"إنها الجمال المسموع" هكذا عرّفها هولست،أمّا بيتهوفن فقال عنها الموسيقار:"إنها صلة الحس بالروح" وتطرق بولس الى أنواع الآلات الموسيقية واكد بأنها ثلاثة أنواع: ألنفخ والوتريات،والطرق.وآلات الطرق كانت تستخدم قديما، كما في حالة الهنود الحمر،في إرسال الرسائل،أو في حالة الحروب (دق طبول الحرب).و آلات النفخ عندما ظهرت كانت كبيرة الحجم وطويلة جدا،ولم تعرف بأشكالها الحالية إلاّ بعد تطور طرق تصنيعها.
وأكدالموسيقار بولس بان آلة الشيلّلو هي من ضمن مجموعة الوتريات. والجدير بالذكر بان الموسيقارمجدي بولس يجيد العزف على البيانو أيضا،فهو الذي يعزف المقدمة الموسيقية لقصيدة (أراك عصيّ الدمع) للسيدة أم كلثوم ومن تلحين ألمسيقار العملاق رياض السنباطي.كما قدّم لنا تسجيلا له في وصلة عزف منفرد على الشيلّلو،أدّاها في أغنية وردة الجزائرية (ألعمر كلّه) من تلحين الموسيقار محمد عبد الوهاب،انتزعت آهات الإعجاب والإستحسان من الحاضرين،نشوة واستمتاعا،وطلبوا الإعادة.
وخلال المحاضرة ذكر الموسيقار بولس فكرة سريعة عن السلّم الموسيقي،قائلا إنه يتكون من سبع نغمات،عرّفنا على أسمائها بمختلف اللغات،والفرق بين نغمة وأخرى يأتي من الإختلاف في عدد الذبذبات بالنسبة للزمن،أي  Frequency/seconds ،وبين هذه النغمات أبعاد تعرف بالمسافة‘أو النصف مسافة،وتتميز النغمات الشرقية عن النغمات الغربية بوجود ثلاثة أرباع المسافة (وهو المعروف بالربع تون)ا.وتختلف الموسيقى بين الشعوب المختلفة، مصر والسودان والمغرب على سبيل المثال، باختلاف الإيقاع.وذكر لنا مثالا،أنه في إحدى زيارات أم كلثوم للمملكة المغربية،كانت تشدوا بإحدى أغنياتها في جلسة خاصة بجلالة الملك محمد السادس وحاشيته،فلاحظ أن جلالة الملك يود لو أن أم كلثوم أدّت مقطعا من أغنيتها على إيقاع الموسيقى المغربية ،وعلى الفورغيّرت الفرقة الإيقاع إلى الإيقاع المغربي واندهشت أم كلثوم ولكنها فهمت بذكائها أنها استجابة لرغبة الملك وتكريما لجلالته فواصلت الأداء على الإيقاع الجديد مما زاد من سعادة و إعجاب جلالته،وأضافت لحظات من البهجة والمرح.
واكد الموسيقار بولس  بات ألتذوق هو المدخل إلى الإستمتاع،ولكي تتذوق يجب أن تفهم لماذا يكرر المطرب بعض مقاطع الأغنية،فالأداء يختلف في كل مرة عن الأخرى،فالتكرار يهدف إلى توصيل معنى الكلمات إلى المستمع،بكل مافيها من عمق و مشاعر وأحاسيس سواء كانت حزن وألم وأسى لفراق الحبيب،أو فرح وسعادة بلقائه أو قرب وصاله،وقد سمعنا مطلع أغنية (حياتي إنت) للموسيقار محمد عبد الوهاب أكثر من مرة،وكان في كل مرة يبدّل الإنفعال اللحني  لكلمة (حياتي)،وأيضا  لكلمة )(إنت)،حتى جعلنا نحن،كمستمعين،نعيش معه حالته،و شعر كل منّا أنه هو شخصيا الذي يغني لحبيبته ومعشوقته،وهكذا نجح محمد عبد الوهاب بالأداءالمتنوّع ،في أن نتفاعل ونتجاوب معه،ونصدّقه،بل ونردّد معه الكلمات بكل نشوة وهيام.وبلغنا ذروة الإنفعال والتجاوب عندما استمعنا بتذوّق إليه وهويعبّر عن مقدار الأسى والمعاناة التي يعانيها من قسوة اللّيالي،والأفكار،بقوله (عمّال أقاسي ليل ونهار سؤم الّليالي والأفكار)،فكان الإستمتاع والإندماج إلى درجة التوحد مع محمد عبد الوهاب.
وتكرّرت نفس الحالة لنا جميعا،مع سماعنا لأم كلثوم وهي تغني من قصيدة (رباعيات الخيّام)،كوبليه (أفق خفيف، الظل هذا السحر/لاتدّعي النوم ولاغي الوتر.فما أطال النوم عمرا/ولا قصّر في الأعمار طول السهر) ،وكنّا كمن يؤدّي صلاة،نستمع في خشوع وتأمّل.وقد قال الموسيقار مجدي بولس أنه شعر بقشعريرة في البدن عندما شارك في عزف هذا اللحن خلف أم كلثوم،لأوّل مرة.
ثم نقلنا الموسيقار بولس بعد ذلك إلى الموسيقى الكلاسيكية،فاستمعنا إلى السيمفونية الخامسة التي ألّفها الموسيقي الألماني المعجزة، لودفيج فان بيتهوفين وكتبها بين عامي 1804 و 1808،وهي في سلّم (دو الصغير)،وقد أهداها إلى نابليون بعد عودته منتصرا في الحروب.وهي"من أبرزالمؤلفات الموسيقية المعاصرة"،كما وصفها الكاتب والمؤلف الألماني أرنست هوفمان.وقد شرح لنا الموسيقار بولس كيف أن بيتهوفن في هذه السيمفونية اعتمد على جملة موسيقية واحدة وقدّمها بمختلف الأفكار اللحنية في ما يشبه الإعجاز، ووظّفها توظيفا عبقريا لتعبّر عن المعاني التي أراد أن يوصّلها للمتلقي،وهي معاني القوة والشجاعة والإقدام. ولقد كانت هذه السيمفونية،أثناء الحرب العالمية الثانية،إشارة الحرية للشعوب المحتلة تحت أقدام النازية.
حقا الغناء هو حياة الروح كما قال بيرم التونسي،والموسيقى غذاء للعقل والفكر وعلاج للنفس نلجأ إليها في الأوقات الصعبة،حتى نتخلّص مما يؤرّقنا،ونجد فيها الراحة والسلام الداخلي.وهي لغة عالمية عابرة للحدود.
And as it was summarized by the famous French poet Lamartine:" Music is the literature of the heart , it commences where speech ends".

أبدى جميع الحضور الشكرالجزيل  لنادي الكتاب العربي وللموسيقار المبدع الأستاذ مجدي بولس

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق